/ر ن /عمرها 17 عاماً، متسربة من المدرسة وتعمل مع والدتها لتعيل أسرتها، لأن والدها مقعد وعاجز عن العمل. التحقت بمركز السلام التابع للجمعية ولمس الأخصائيين فيها ذكاءً وتصميماً لتكمل دراستها، وبناءً على ذلك تم تحويل الطفلة من إدارة حالة العنف، واقتُرِح عليها أن تداوم مع دورات التاسع، ناسبها دوام الدورات المسائي وقدم لها ما تحتاج من قرطاسية وكتب، وباشرت بالدوام مع دورات التعليم المتسارع في الفصل الأول والفصل الثاني، ثم تابعت في دورات ما قبل الامتحان.
/ر/ كانت قبل الالتزام بالأنشطة التعليمية فتاة منطوية وفاقدة للأمل، لذلك تم متابعتها مع إدارة حالة العنف، وتابع الأخصائيين التزامها.
قدمت /ر/ أوراقها لوزارة التربية للتقدم لامتحان الشهادة الإعدادية، وتابعت دروسها بكل جد ونشاط.
اكتسبت إرادةً وتصميماً رغم كل الصعوبات التي تتعرض لها، وأصبح لديها زميلات يتناقشن ويتبادلن الأفكار حول الدراسة وأمور أخرى.
وصلت /ر/ إلى الامتحان وقدمت أفضل ما عندها بكل ثقة، وانتظر الجميع صدور النتائج بفارغ الصبر، وعند صدور النتائج عمت الفرحة في المركز، فقد كانت من الناجحين وبعلامات ممتازة تؤهلها لمتابعة الثانوية العامة.
كانت فرحتها عظيمة، وعانقتنا ودموع الفرح في عينيها، وشكرتنا جميعاً على إيماننا بقدراتها وتشجيعنا لها.
لم يخطر في بالها منذ أن تركت المدرسة، أن تتابع دراستها، بالنسبة لها كان حلماً صعب المنال، وها قد حققته. راما الآن ملتزمة في دورات المركز حتى تتقدم لامتحان الثانوية الأدبي، وحلمها الجديد هو التخرج من الجامعة لتكون مدرّسةً وتساعد الفتيات الذين يعانون مثل ظروفها.
بسبب انتشار ظاهرة التسرب المدرسي المترافقة مع العمالة غالباً، نفّذ فريق الجمعية السورية للتنمية الاجتماعية بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، حملة توعية بعنوان " العودة للمدرسة ومخاطر العمالة " ضمن برنامج حماية الطفولة في مركز بيت السلام – الهامة، ريف دمشق.
نفّذت الحملة بعد ملاحظة متطوعو الوصول لانتشار ظاهر التسرب من المدارس، حيث قام الأطفال من نادي حماية الطفولة بزيارة المنطقة والتجول بين محلاتها، موجهين عدد من الرسائل إلى أرباب العمل، وأصحاب المهن، تضمن الإضاءة على حقول الأطفال، والتأكيد على مسؤولية أرباب العمل في حمايتهم، واختيار أعمال مناسبة لهم، وعدم إجهادهم واستغلال حاجاتهم للعمل، بالإضافة إلى إقناعهم للعودة إلى المدرسة.
رحب أصحاب المهن بأطفال النادي، وأبدوا اهتماماً ملحوظاً بالرسائل الموجهة لهم، مؤكدين على أهمية دعمهم للأطفال الذين يحملون مسؤولية مجتمعهم وقادرين على إيصال صوت أقرانهم والتعبير عن احتياجاتهم.
تفاعل صاحب مهنة البلور والألمنيوم مع الحملة، وقد أخبرنا أنه يقوم بتشغيل الأطفال ضمن مهنته، وأنه يحرص على عدم إجهاد الأطفال، ويمنعهم من حمل القطع الكبيرة من الزجاج التي يمكن أن تعرضهم للخطر، وأنه سيحرص على ذلك أكثر في المستقبل، بعد أن أكد له أطفال النادي خطورة حمل ألواح الزجاج مهما كان حجمها.
وأيضا تحدث الميكانيكي أن لديه طفل يعمل ضمن المحل، وأنه يقسو عليه أحيانا، لتعليمه المهنة بشكل متقن. وبعد المناقشة التي تمت بينه وبين أطفال النادي أخبرنا بأنه سيقوم بالاهتمام بالطفل، وعدم إجهاده في العمل أو تعريضه للخطر، والأهم من ذلك سيخفّض ساعات دوامه شتاء ليتمكن الطفل من الالتحاق بالمدرسة.
في ختام الحملة كان تفاعل من قبل الجميع إيجابياً وكبيراً.
تبلغ بيان من العمر أربع عشرة عاماً، تهجّرت من جسر الشّغور إلى لبنان، وككل الأطفال الذين هُجروا، تركت المدرسة ولم تلتحق بأخرى لكن إحدى الجمعيّات هناك ساعدتها في تعلّم القراءة والكتابة، بعد عدّة سنوات انتقلت بيان وأسرتها، باستثناء الوالد، إلى منطقة الهامة في ريف دمشق، والدة بيان قصدت مركز السّلام المجتمعيّ في الهامة طلباً للمساعدة والاستفادة من برنامج سبل العيش، وسجّلت احتياجات أسرتها، الّتي ووفقاً لها أحيلَت ابنتها بيان إلى مديرة حالة حماية الطّفل . أثناء المقابلة تحدّثت الأمّ عن ابنتها الّتي بالإضافة إلى مشكلة التّسرب، فإنّها تعاني من نقصٍ كبيرٍ في السّمع يصل إلى 70% أثّر بشكل كبير على نُطقها، وعلى وضعها النّفسيّ، وجعلها تعاني من عصبيّة شديدة ناتجة عن عدم قدرة الآخرين على فهم ما تريده، وبعد موافقة الأمّ قابلت مديرة الحالة الطّفلةَ بيان وقد كانت شديدة الانطوائيّة، عديمة التجاوب ولم يكن من سبيل للتّواصل معها سوى الرّسم الّذي اتّضحَ أنّها بارعة فيه. تم وضع خطة من قبل مدير الحالة وبالتّشارك مع أمّ الطّفلة، وبناءً عليها تمّ دمج بيان بجلسات التّقوية الفرديّة إذ خصّص مشرف القسم التعليمي أحد المتطوّعين لمرافقة بيان وتعليمها، واستمرّ ذلك أربعة أشهر.، كما تمّت إحالة بيان إلى برنامج التثقيف اللاصفي لتعلُّم كتابة كلمات كاملة، بالإضافة إلى برنامج التّدخل النّفس اجتماعي عن طريق الدّمى، ورغم ما واجهته بيان من صعوبة في الكلام والتّواصل مع أقرانها في المجموعة، إلا أنّها كانت شديدة الالتزام، بارعة في الرّسم وصنعت جسرَ تواصل مميّز مع أقرانها من خلال مساعدتهم في الرّسم، وختمت الجلسات بصنع دمية متميزة جداً. بعد فترة من العمل المتواصل والمتابعة المستمرّة لتطوّر بيان وتجاوبها، والتّنسيق بين ميسّري ومشرفي الأنشطة ومدير حالة حماية الطّفل وتعاون بيان وإصرارها على تجاوز الصّعوبات تحوّلت من شخصٍ انطوائيّ لا يتواصل مع الآخرين إلى عضوٍ فاعلٍ في جميع فعّاليات حماية الطفولة، تشارك أقرانها في الفقرات الرّاقصة، بالتدريب المكثف والمستمر، وتشارك في الأنشطة الّتي يتمّ تنفيذها في دار الكرامة لرعاية المسنّين وذوي الاحتياجات الخاصّة. وليكون العمل مكتملاً وملبّياً لاحتياجات بيان، ولأنَّ السّمع أولويّة تمّت إحالتها على الهيئة الطّبيّة الدّوليّة الّتي قدّمت لها سمّاعة أذن، كما تمّ التّنسيق مع مدرسة الصّم والبكم وحصلت بيان على الأوراق اللازمة للتّسجيل بمساعدة أحد متطوّعي المركز، وبعد اجتيازها لسبر المعلومات تمّ تسجيلها في المدرسة في الصف السابع. عبّرت أمّ بيان عن التّقدّم الّذي أحرزته ابنتها قائلةً: بيان فرقت معي من الأرض للسّما صارت تطلِّع أحرف بحياتها ما كانت تنطقها، وصرت اعتمد عليها متل أخواتها خصوصاً بعد ما صارت تميز الأيام وتتهجى الكلمات من كتب اخواتها..