الرئيسية

دمشق

الحلم يصبح حقيقة

أثناء رصدنا للمجتمع المحلي بمنطقة الزاهرة التقينا السيدة ام سامر 53 سنة وهي مهجرة من شارع الثلاثين بمخيم اليرموك وتعيش مع زوجها وابنها وزوجته، بالإضافة الى ابنتها المطلقة وطفلين.
واثناء حديثنا تبين انها من أصحاب المهن الفاقدين لأدواتهم وحاجتها لحقيبة مهنة للخياطة وتم تقديم الخدمة لها بعد تعبئة الاستمارة الفنية وعرضها على لجنة القبول. ولاسيما أنها تعاني من عدم القدرة على تغطية كافة مستلزمات معيشتها وخاصة أن زوجها لا يقدر على العمل بسبب وضعه الصحي.
المفاجئة كانت في زيارة المتابعة لها حيث وجدنا أنها قد علقت لافتة تحمل عبارة خياطة وتصليح ملابس وقد بدأت الزبائن بالتوافد إليها في سكنها،
شعورها بالسعادة والامل عجزت الكلمات عن وصفه، حيث التغير والاثر على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي كان واضحا والحالة التي تعيشها من الاستقلالية والاكتفاء الذاتي وأنها وزوجها لم يعودا يشكلان عبء على أحد وقد ازداد شعور الامل لديها مع ازدياد زبائنها سواء من الجيران أو الاقارب.
السيدة سمر تخيط طريق استقلاليتها واكتفاءها بخيطها ومهارتها.

نحن معك ، فلتكن مع نفسك

السيد م.ب  متزوج ويبلغ من العمر 35 عاماً، وهو المعيل الوحيد لعائلته المكونة من زوجته وأطفاله الثلاثة، بالإضافة إلى زوجة أخيه وأطفال أخيه الاثنين، وهو مهجر ويقطن الآن في الزاهرة بمنزل مستأجر. السيد م.ب  لم يفقد منزله فقط، بل فقد الثقة بالنفس وقد فقد إحساسه بالطمأنينة تجاه المستقبل وفقد استقلاليته، حيث اضطر للعمل صانعاً عند إحدى الورش الصغيرة بعد أن كان سيد نفسه وأحد داعمي الأسواق المحلية بمنتجاته، حيث كان يعمل بنجارة قوالب الأحذية في بيت سحم قبل أن تنال منه الظروف السائدة ويفقد ورشته وكل ما يملك بسبب التهجير.

تم رصده في منطقة الزاهرة، وبين مرض وبصيص أمل، قابلنا السيد م.ب  الذي كان يعاني من آفة دماغية تعمل على تآكل خلايا دماغه تدريجياً بالتزامن مع سنوات قهر عاشها أكلت من آماله هي أيضاً. وبعدما تم اختياره ليكون من مستفيدي برنامج المشاريع الصغيرة، خضع السيد م.ب  لدورة إدراة وتأسيس مشاريع صغيرة وقد أبدى السيد اهتماماً كبيراً وتميزاً واضحاً أثناء التدريب ، الأمر الذي جعله مؤهلاً لإدارة مشروعه. وبالفعل تمت الموافقة له على مشروع صغير يعيد له الأمل بالاستقلالية في هذه الحياة التي باتت صعبة في معظم نواحيها، وتم تأمين كافة مستلزمات المشروع ليبدأ السيد م.ب  وخلال أسبوعين بالإنتاج والطرح في السوق. ثم اتسعت رقعة عمله ليصدر إلى المحافظات الاخرى من إنتاجه أيضاً.

لم يكن التحسن اقتصادياً فقط، بينما تحسن وضعه صحياً، وأصبح قادراً على الالتزام بالجرعات الدوائية ، وبالتالي سيصبح وضعه الصحي أفضل مما كان عليه سابقاً.

وبذلك عاد الأمل وبريق الحياة في عيني السيد م.ب ، ليقول ها أنا ذا قادر على تحمل مسؤولية أطفالي ولن أخاف مجدداً في زمن لازال فيه الخير موجوداً.

أنتم جسر لعبوري

السيدة ل.ب ، مطلقة ، تبلغ من العمر 45 عاماً وهي أم لطفلين، والد الأطفال تهرب من مسؤوليته مما جعلها المعيلة الوحيدة لهم، وهي مهجرة وتقطن بمنزل مستأجر ، صبرت السيدة واجتهدت رغم ظروفها الخاصة، فكانت مثالاً على أن الإدارة إذا ما اقترنت بالأمل فلن يكون هناك مستحيل أو هزيمة.

تعرف إليها متطوعو الوصول في منطقة الزاهرة، وعرضوا عليها الامكانات التي توفرها الجمعية، فقررت حسب رغبتها وبما تحمله من خبرة أن تعمل في "نوفوتيه" صغير يخدم السيدات في منطقة ركن الدين.

خضعت لدورة إدارة المشاريع الصغيرة، تم عرضها على لجنة مختصة بحضور ممثل عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، فنجحت وتمت الموافقة على مشروعها (محل لبيع الألبسة الداخلية وبعض مستلزمات النساء) ليدخل حيز التنفيذ : من استئجار مكان مناسب وشراء المستلزمات، ليصار المشروع بمرحلة الانتهاء بالتزامن مع عيد الفطر (22/6/2017م.).

كانت السدة ل.ب امرأة بغاية النشاط، لا تعرف التردد، متحمسة للغاية ومتفائلة بأن القادم أجمل، بدأت العمل في محلها الصغير دون توقف. وزادت عدد ساعات عملها لوقت متأخر من الليل.

تمت متابعتها في المحل عدة مرات وقد لوحظ اجتهادها وسرعة تأقلمها مع الزبائن، إضافة إلى الأثر الجلي لعملها في المشروع على حياتها، على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، وحتى على مظهرها الخارجي، وأيضاً ابتسامتها التي باتت لا تفارق وجهها، وقد عبرت هي عن ذلك قائلة:

العمل ساعدني كثيراً بالتعرف على فئات عديدة من كافة الطبقات والانخراط بالمجتمع وتحمل المسؤولية والشعور بالاكتفاء الذاتي وقدرتي على تلبية الحاجات الأساسية للمنزل ومساعدة أبنائي في دراستهم، والأهم من هذا كله قدرتي على تسديد ديوني التي كانت حملاً ثقيلاً علي. التعامل مع السيدات شيء جميل، حتى أنني غيرت من طريقة لباسي ومظهري الخارجي لأن العمل أضاف إليّ حياة اجتماعية جديدة تتطلب بأن أبدو دائماً بمظهر لائق.

كل ذلك جعل مني إنسانة سعيدة بحياتها، وأصبحت أكثر قدرة على التعامل مع صعوبات الحياة.

إن هذا المشروع الصغير كان بمثابة بوابة أمل وجسراً عبرت من خلاله السيدة إلى الاستقلالية والتماس سبل الحياة الكريمة والاندماج بالمجتمع. هكذا هي الحياة في زمن الشدة، من قلب الصعوبات نخلق الأمل.

لا تعطني سمكة بل علمني كيف أصيد

السيدة ع.خ، متزوجة، تبلغ من العمر 27 عاماً، وهي أم لطفلين أحدهما يعاني من صعوبات تعلم ونطق. الزوج أي أبو الأطفال لا يستطيع العمل بسبب وضعه الأمني (مطلوب احتياط). الأسرة مهجرة من الغوطة الشرقية وتقطن بمنزل مستأجر، ويعيش معهم في المنزل والدتها ووالدها المريض بالزهايمر، وأخوها الذي لازال في عمر الدراسة، وبالتالي فهي المعيلة الوحيدة لجميع أفراد أسرتها.

كحال آلاف العائلات السورية نزحت السيدة ع.خ وأسرتها، وتوجهت لمستقبل يفتقدون فيه إلى المأوى وإلى كل شيء، الأمر الذي أدى للفقر والعجز في تأمين أبسط الاحتياجات، والتعرض للضغوط النفسية المرافقة لذلك. وما زاد من تردي الحال هو الوضع الصحي المتدهور لابنتها ووالدها. حاولت السيدة ع.خ أكثر من مرة تحسين حياة أسرتها لكن استغلال وجشع أرباب العمل كان لها بالمرصاد، الأمر الذي أرهق عزيمتها وخذل أحلامها المتواضعة.

وعندما تم رصدها من قبل أحد متطوعي الجمعية، توهجت لديها شرارة الأمل الأولى. وكانت نقطة التحول في حياتها وحياة عائلتها حين تمت الموافقة المبدئية على مشروعها الذي طالما حلمت بتحقيقه.

وبدأ مشوار السيدة ع.خ في تحقيق حلمها، وخلال مشوارها قامت الجمعية السورية للتنمية الاجتماعية بدعمها مادياً ومعنوياً، حيث تم إخضاعها لدورة تمكنها من إدارة مشروعها الصغير. وبعد فترة انطلق المشروع، وهو عبارة عن محل إكسسوارات وحقائب.

لقد غير المشروع منحى حياة ع.خ وعائلتها، فمن خلال المردود المادي أصبحوا قادرين على تأمين حاجاتهم المعيشية بالإضافة إلى العلاج لمرضى الأسرة، كما جعلهم ينعمون بنوع من الاستقرار، الأمر الذي غير حياتهم للأفضل.

وهو ما أكدت عليه السيدة حين قالت "إن هذا المشروع هو بداية جديدة أستطيع من خلاله إعالة أسرتي والعيش باستقلال".

مبدأ "لا تعطني سمكة بل علمني كيف أصيد" هو المبدأ الذي انطلقت منه السيدة ع.خ وبجهود الجمعية السورية للتنمية الاجتماعية تم تجسيده على أرض الواقع.

خبرة واجتهاد

السيد ز.س متزوج، يبلغ من العمر 35 عاماً وهو المعيل الوحيد لعائلته المكونة من زوجته وطفليه ووالده ووالدته، وهو مهجر ويقطن في منطقة الزاهرة بمنزل مستأجر، ويعاني من مرض اللقوة.

تم رصده في منطقة الزاهرة، وعرضت عليه فكرة التقدم للجمعية لمعرفة ما يمكن ان توفره له من مساعدة.

قرر السيد زاهر حسب رغبته، وبما يحمله من خبرة، أن يستعيد عمله وعمل عائلته في تربية الأغنام. فخضع لدورة إدارة المشاريع الصغيرة، وتم عرضه على لجنة مختصة بحضور ممثل عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ومن ثم حصل على الموافقة على مشروعه (بيع الأغنام ومنتجاتها) ليدخل حيز التنفيذ بالتزامن مع شهر رمضان المبارك.

كان السيد زاهر شخصاً شديد النشاط، لا يعرف التردد، متحمساً للغاية ويسعى جاهداً لإنجاح مشروعه.

فكانت أولى خطواته بذلك أن نقل سكنه إلى منطقة العدوي، حيث البساتين التي تساعده على تربية الأغنام التي منحته إياها الجمعية. وخلال متابعة السيد في منزله لوحظ اجتهاده واهتمامه البالغ بصحة الأغنام فقد أمّن لهم مكاناً ملائماً، وأحضر لهم طبيباً بيطرياً بشكل دوري، كما استعان بخبرة والده أيضاً في تربيتهم.

وقد لوحظ الأثر الجلي لعمله في المشروع على كل صعد حياته : الاقتصادي والاجتماعي والأسري. فقد أصبح مستقلاً مادياً وقادراً على تلبية احتياجات أسرته، وأكثر تفاؤل بالحياة وبأن القادم منها أجمل.

اليوم، ومن خلال خبرة السيد زاهر واجتهاده، استطاع تأمين سبيل له ولأسرته نحو حياة كريمة بعدما عانوا وصبروا أمام ظروف الحياة السيئة، فكانت قصتهم مثالاً يحتذى به .

Subscribe to دمشق