الرئيسية

ريف دمشق

أنا بتنفس حرية!

في بعض الأوقات نكون بحاجة إلى جرعة قوة كي نستطيع تغيير الواقع الذي لا يتماشى مع طموحنا.

تبلغ السيدة ن.و. من العمر 25 سنة، متزوجة ولديها طفلة عمرها 5 سنوات، نازحة من الغوطة الشرقية، بيت نايم، وتعيش مع عائلتها في منزل للإيجار في ريف دمشق، جرمانا.

أثناء جولات فريق متطوعي الوصول في المنطقة لتعريف المجتمع المحلي بالخدمات التي تقدمها الجمعية، التقينا بالسيدة ن.و. ودعوناها إلى التسجيل في المركز المجتمعي للحصول على الخدمة المناسبة، بعد أن عبَّرت عن احتياجها لأنها تعاني ضغوطًا نفسية من جراء التعنيف اليومي من زوجها.

بعد قدومها إلى المركز، وشرحها لحالتها، أحيلت إلى برنامج الدعم النفسي-الاجتماعي. بعد أن شاركت السيدة في جلسات السيدات في أحد مراكز الجمعية السورية للتنمية الاجتماعية، أحيلت إلى مدير حالة الدعم النفسي، وكذلك إلى مدير حالة العنف، اللذين – بدورهما – قاما باقتراح تقديم مشروع صغير لها (ورشة خياطة)، وذلك لتمكينها وجعلها قادرة على الاعتماد على نفسها، والتخفيف من وطأة الضغط الذي تعيشه.

بعد موافقتها، حضرت السيدة ن.و. دورة لريادة الأعمال تعلَّمت عبرها كيفية إدارة المشروع، كيفية فتح دفتر لحساباتها، إلخ. عبَّرت السيدة عن فرحها وعن كمية الثقة بالنفس التي حصلت عليها من الدورة ومن المشاركين فيها.

بعد التدريب، خضعت لمقابلة بمشاركة مسؤولة المشاريع الصغيرة في المفوضية ومسؤولة المشاريع الصغيرة في الجمعية السورية للتنمية الاجتماعية، وقُبِلَ مشروعها.

بعد استلامها المشروع بمدة ليست بالقصيرة، قمنا بزيارة متابعة لها في الورشة التي قامت باستئجارها. وأثناء الزيارة، والحوار الذي دار معها، تبين لنا الاستقرار المادي في وضع العمل. أخبرتنا أنها استطاعت التشبيك مع بعض تجار الملابس المدرسية لكي يوردوا لها بعض احتياجاتهم للتفصيل والخياطة، وأنها استطاعت تأمين قسط روضة لابنتها لكي تتعلم وتبقى في مكان آمن أثناء عملها، مما منحها راحة وسلامًا داخليين. وقد عبَّرت عن حالها بقولها:

"شو ما حكيت قليل... قدرت اعتمد ع حالي واستقل ماديًّا ومعنويًّا، وبالتالي، قوم بخطوة طلب الطلاق. استأجرت بيت لحالي. الشغل منيح وعم اشتغل أنا وأمي بالورشة، وصارت تقدر هي كمان تجيب دوا لأبي المريض. المشروع كان السلاح يلي خلاني صير أقوى وأكتر ثقة بنفسي، وأغير ظروفي لحياة أكثر أمن واستقرار. وبنفس الوقت قدرت ساعد أهلي..."

 

 

هكذا هزمتْ اليأس

العظماء ليس شرطاً أن يكونوا ممن رست سفن التاريخ على موانئ حياتهم ذات يوم، بل كل إنسان حارب اليأس والفشل وسجل أسطورة نجاحه بكل إرادة وتصميم حريٌ به أن يكون عظيماً وإن كان إنساناً بسيطاً في نظر الآخرين.


هذه قصة زنبقة صغيرة نمت وأينعت في الجمعية السورية للتنمية الاجتماعية متمثلة بمركز دفا في السيدة زينب.
ز. س. ز طالبة من طلاب الثالث الثانوي التي توقظ فيك الأمل الذي يجعلك تؤمن تماماً أن الإنسان الناجح لا يستسلم أبداً لأعاصير اليأس والفشل.


بدأت حكايتها من منطقتها التي كانت تقطن فيها والتي بقيت تحت الحصار لعدّة أعوام، فمع قلة الموارد والمال كان والدها له وضعه الخاص فهو من ذوي الاحتياجات الخاصة ،وبحاجة لرعاية خاصة، ومستلزمات صحية أخرى.


مع الأسف لم يتوفر لهم شيء من ذلك، إلى أن سنحت الفرصة للخروج من تلك المنطقة، ولكن لم تكن ظروف التهجير أقل قسوة من الحصار.
كل ذلك جعل من ز. س. ز فتاة حزينة يائسة لا تكاد هي وعائلتها يملكون قوت يومهم، ولكنها تطمح أن تكمل تعليمها لمساعدة والدها وعائلتها.
ولكن الفقر الشديد وارتفاع أجور الدورات التعليمية الخاصة كان عائقاً يقف أمامها، إلى أن سمعت من سكان الحي عن مركز دفا الذي ترعاه الجمعية السورية للتنمية الاجتماعية.


فما كان منها إلا أن سارعت بالقدوم، فاحتضنها الكادر التعليمي بكل قوته، وساعدها بكل الوسائل المتوفرة والأساليب التعليمية وعملوا جاهدين على ترميم الثغرات التعليمية لديها، إضافة لتزويدها بالقرطاسية واللوازم المدرسية لمتابعة تحصيلها العلمي.


وفي نهاية العام الدراسي أثلجت قلوب الجميع بنجاحها وتم تكريمها من المركز احتفالاً بها، وتركت لها بصمة في عقول وقلوب الجميع، حيث عبر والديها قائلين:" يعجز اللسان عن وصف هذه اللحظات، شعور النجاح لا يعادله شعور في الدنيا وكلمة "شكراً" أقل بكثير مما قدمتوه لابنتي"


فكانت كلما حملت كتاباً أزهرت لها الحياة، وأينع لها الوعي، وهكذا هزمت اليأس.

 

حققت حلمي

/ر ن /عمرها 17 عاماً، متسربة من المدرسة وتعمل مع والدتها لتعيل أسرتها، لأن والدها مقعد وعاجز عن العمل.
التحقت بمركز السلام التابع للجمعية ولمس الأخصائيين فيها ذكاءً وتصميماً لتكمل دراستها، وبناءً على ذلك تم تحويل الطفلة من إدارة حالة العنف، واقتُرِح عليها أن تداوم مع دورات التاسع، ناسبها دوام الدورات المسائي وقدم لها ما تحتاج من قرطاسية وكتب، وباشرت بالدوام مع دورات التعليم المتسارع في الفصل الأول والفصل الثاني، ثم تابعت في دورات ما قبل الامتحان.


/ر/ كانت قبل الالتزام بالأنشطة التعليمية فتاة منطوية وفاقدة للأمل، لذلك تم متابعتها مع إدارة حالة العنف، وتابع الأخصائيين التزامها.

 قدمت /ر/ أوراقها لوزارة التربية للتقدم لامتحان الشهادة الإعدادية، وتابعت دروسها بكل جد ونشاط.

 
اكتسبت إرادةً وتصميماً رغم كل الصعوبات التي تتعرض لها، وأصبح لديها زميلات يتناقشن ويتبادلن الأفكار حول الدراسة وأمور أخرى.

 وصلت /ر/ إلى الامتحان وقدمت أفضل ما عندها بكل ثقة، وانتظر الجميع صدور النتائج بفارغ الصبر، وعند صدور النتائج عمت الفرحة في المركز، فقد كانت من الناجحين وبعلامات ممتازة تؤهلها لمتابعة الثانوية العامة.

كانت فرحتها عظيمة، وعانقتنا ودموع الفرح في عينيها، وشكرتنا جميعاً على إيماننا بقدراتها وتشجيعنا لها.

 لم يخطر في بالها منذ أن تركت المدرسة، أن تتابع دراستها، بالنسبة لها كان حلماً صعب المنال، وها قد حققته.
راما الآن ملتزمة في دورات المركز حتى تتقدم لامتحان الثانوية الأدبي، وحلمها الجديد هو التخرج من الجامعة لتكون مدرّسةً وتساعد الفتيات الذين يعانون مثل ظروفها.

 

 

Subscribe to ريف دمشق